علم الأخلاق إلى نيقوماخوس
علم الأخلاق إلى نيقوماخوس
كتاب "الأخلاق إلى نيقوماخوس" هو بالتالي "وصية فكرية أخلاقية سياسية" وجهها الفيلسوف الإغريقي إلى ابنه البكر ملخصاً فيها آراءه الأخلاقية والاجتماعية، السياسية، في تمايز عن كتابه السياسي الآخر "السياسة" الذي يبدو في هذا السياق تقنياً أكثر منه سياسياً رغم عنوانه. والحقيقة أن "الأخلاق" ينتمي إلى القسم من مؤلفات أرسطو الذي يوصف عادة بأنه "عملي وإنتاجي"، وهو قسم يضم مؤلفاته التي تُحدد بوصفها سياسية من جهة وأخلاقية من جهة، علماً أن هذا التمييز بينها ليس تمييزاً حقيقياً، بل توصيفاً لفرعين لهما أصل واحد يدعوه أرسطو نفسه "العلم المدني"؛ أي بالتحديد بالسياسة في علاقتها بالإنسان وليس هنا فقط بالدولة كمؤسسة لتنظيم العلاقات بين الأفراد. ومرد ذلك أن "الحياة الفاضلة التي هي موضوع الأخلاق مرتبطة بسلامة النظام السياسي". وبالتالي، فإن الفضيلة هي النقطة الأهم، وبخاصة لأن الفضيلة يحدث لها وبشكل متواصل أن تصطدم بالسعادة، ما يفترض أن ثمة صراعاً دائماً بينهما.
والسؤال الأساس هنا هو: كيف أصل إلى السعادة التي هي في نظر أرسطو الغاية القصوى للحياة البشرية، من دون أن أجد الفضيلة تسد الدروب عليّ؟ باللجوء إلى السياسة أي إلى مسايرة التنظيم الاجتماعي وليس فقط اتباعاً للسنن القانونية خوفاً من الدولة وضوابطها، بل بالتناغم مع تصور أخلاقي لا بد منه.