عروة الزمان الباهي
عروة الزمان الباهي
يقدم عبد الرحمن منيف، في "عروة الزمان الباهي" ترجمة حياة أو سيرة شخصية لانسان عربي عاش حتى بلغ السادسة والستين من عمره، ولا يقدم لنا شخصية نسجتها مخيلته الروائية كما تعودنا منه. وهذا الانسان العربي الذي ولد في موريتانيا عام 1930ولادته الأولى، ولد مرة ثانية في نيران حرب تحرير المغرب العربي مناضلا وسياسيا وصحفيا، ثم مرة ثالثة حينما اختارته الحركة الوطنية ليمثلها في موقع جديد في باريس للوصول الى عقل الرأي العام الفرنسي على أرض العدو وللارتباط بآلاف المهاجرين من المغرب العربي هناك لدعم حركة الكفاح المسلح. إنه نموذج فذ يمثل جيلا بأكمله ولد بين الحربين العالميتين، وما انطوى عليه ذلك الجيل من أحلام كبيرة ومن أعمال ضخمة ومن تضحيات هائلة. ولكن هذا الوجه للجيل أدى الى وجه آخر. فقد شهد المقاتلين في حروب التحرير يقاتل بعضهم بعضا، والجبهات المتحدة تتمزق، وشهد المنتصرين يتخذون كل ملامح العدو السابق من دكتاتورية وقهر وتسلط، بل شهدهم يكفرون بمبادئهم ويولون وجوههم شطر العدو. فكانت أهداف هذا الجيل أكبر من طاقاته، ورغباته أوسع من ارادته وأصبحت خيباته مأساوية.
فهذه سيرة شخصية لرجل مثل مرحلة تاريخية بالغة الأهمية والتأثير، لما حملته من امكانيات واحتمالات، ولما أفضت اليه من هزائم واخفاقات كان لابد أن تؤدي الى مراجعة شاملة لما كان يعد من المسلمات في التفكير والتقييم ومناهج العمل.