بين الناس
بين الناس
في الجزء الثاني من سيرته يخرج مكسيم غوركي من بيت أسرته (آل كاشيرين) ليعيش) بين الناس). وعلى امتداد هذه السيرة يتخاصم داخله شخصان: شخص يحلم بحياة هادئة منعزلة مع الكتب بعيداً عن الناس، وشخص آخر يراقب القوة الغاشمة للأحداث اليومية، فتصطخب حياته ولا يملك سوى أن يواجهها .ومع المهن العديدة التي عمل بها على رغم صغر سنه وعدم انتظامه في مدرسة إلا أنه كان يتخذ من مراقبة حيوات الناس صفاً دراسياً يلتزم بالتعلم منه، فينسخ في دفترٍ خاص ما يسمعه من أقوالٍ كان ينتظرها من الناس كصدقة، ويتلمس في بعض الأحيان محاولاته الشعرية الأولى. كما نقرأ علاقته الوثيقة بالمرأة التي كانت أهم وأعز كائن في حياته، والتي برغم النظرة السائدة إليها كانت تملك من القوة ما يجعل من نظراتها و ابتساماتها قادرة على أن تُجمِّل وجه الأرض الحزين المكتئب.
غوركي الذي أحبَّ الناس كثيراً، ولم تكن لديه الرغبة في إيلام أحد، لم يكن عاطفياً، يغطي الحقيقة البائسة بكلمات ملونة كاذبة، بل كان مع الحياة، يصهر فيها كل ما نحمله في قلوبنا وعقولنا من خير. وهو إذا تحدّث عن البشاعة والبؤس فإنما يفعل ذلك .ليخبرنا أن ذلك ما زال موجوداً بيننا ولمّا ينتهِ